أطلقت جامعة اليرموك اليوم الخميس دراستين علميتين، أعدهما مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية في الجامعة، بالشراكة مع مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية، حول المنظور الاقتصادي للاجئين وتحديد أسباب زيادة ضغط الهجرة السورية على الأردن.
وقال رئيس الجامعة الدكتور إسلام مسّاد، خلال رعايته جلسة إطلاق هاتين الدراستين في فندق فور سيزونز عمان، بحضور المدير الاقليمي لمؤسسة فريدرش ناومان يورغ دهنرت، إن جامعة اليرموك أخذت على عاتقها دور المبادرة في العمل التنموي، والمساهمة الحقيقية في تلبية متطلبات المجتمع الأردني والمنطقة العربية لمواجهة آثار الأزمات التي تفرضها الظروف التي مرت وتمر بها المنطقة، وعليه جاء تأسيسها لمركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية في العام ١٩٩٧ كخطوة من خطوات هذا العمل الناجحة، التي تحرص الجامعة على تطويرها.
وأضاف أن الجامعة تضع دائما في سلم أولوياتها دعم أنشطة المركز وبناء الخطط والاستراتيجيات التي تسهم في تعزيز دوره وتوجيه أنشطته إلى حيث يجب أن تكون دعما للجهود الدولية والوطنية في هذا المجال.
وأكد مسّاد على أن نتائج هاتين الدراستين النوعيتين، ما هو إلا تأكيد على أهمية البحث العلمي والدور الأكاديمي في دعم عمل المؤسسات التنموية ضمن مجالات مختلفة، مشددا على اهتمام الجامعة الكبير في بناء الشركات البحثية والتنموية، واضعة في الوقت نفسه جميع خبراتها وقدراتها والجهد البحثي لأساتذتها وفريقها الإداري في شتى المجالات لخدمة مسيرة البناء والتنمية الوطنية، تعزيزا لقيم العمل المشترك.
ولفت إلى أن جامعة اليرموك تنظر إلى قضايا اللجوء والهجرة القسرية، نظرة إيمان مطلق بالرؤية الملكية الهاشمية التي يقودها جلالة الملك، حيث سخر جلالته كل إمكانيات الدولة الأردنية لحماية الإنسان اللاجئ وضمان حقوقه الأساسية، فكان الأردن ملاذا لكل مستجير وعنوانا لكل ملهوف، وعليه فقد أولت الجامعة من خلال "مركز اللاجئين" هذا الملف جل اهتمامها وما زالت تعمل على تقديم البحوث والاستشارات والمشاريع التي نأمل أن تدعم الجهود المؤسسية الوطنية والدولية، وتساعد اللاجئين في مواجهة ظروف الحياة، ولعل البحثين محل النقاش اليوم هما جزء مهم مما تقدمه الجامعة لتحقيق هذا الهدف.
وتابع: لا شك أن فهم الوضع الاقتصادي للاجئين ومدى تأثرهم وتأثيرهم في الاقتصاد الأردني وتحديدا (سوق العمل) بالإضافة الى فهم الواقع الاجتماعي والتحديات التي تواجههم داخل المجتمعات المضيفة، هو خطوة مهمة لبناء منظور استراتيجي للعمل مع اللاجئين ولأجلهم، موجها شكره لكل من مؤسسة فريدريش ناومان وشراكتها مع الجامعة، والباحثين من أعضاء الشبكة البحثية للمركز الذين نفذوا هاتين الدراستين.
من جانبه، قال يورغ دهنرت، إن مؤسسة فريدريش ناومان، هي مؤسسة ألمانية مستقلة غير حكومية، تعمل في أكثر من 70 دولة حول العالم، تهتم بتعزيز قيم الحرية والديمقراطية والقانون وحقوق الإنسان.
وأضاف أن موضوع الهجرة بات من أهم المشكلات الحالية على مستوى العالم، وعليه بات الآن لدينا لاجئين في أمريكا وأوروبا، وبالتالي نستطيع القول أن مشكلة اللاجئين باتت مشكلة عالمية، ومطلوب منا جميعا ادماج هؤلاء اللاجئين مع مجتمعاتهم.
كما وعبر دهنرت عن سعادته والمشاركة في إطلاق هاتين الدراستين العلميتين، وخصوصا أن هذه الدراسات جاءت بشراكة متميزة مع مؤسسة اكاديمية مهمة، تتمثل بجامعة اليرموك، من خلال مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية.
وهدفت الدراسة الأولى التي حملت عنوان "تعزيز المنظور الاقتصادي للاجئين والفئات المهمشة بناءً على الدراسات والتحليلات التجريبية"، فقد أكدت على أن اللجوء السوري يعد واحدا من أهم التحديات التي واجهها الأردن منذ عقود، وجاءت مباشرة بعد التعافي النسبي من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بمختلف دول العالم، مؤكدة في الوقت نفسه أنه ورغم محدودية موارده، فقد نجح الأردن في توفير خدمات الأمن والصحة والتعليم لمواطنيه وضيوفه على السواء، وقدّم الخدمات للاجئين السوريين بحدود قدراته وضمن المتاح من موارد محلية ودعم المانحين الدوليين.
وركزت الدراسة التي أعدها فريق بحثي ضم كل من الدكتور محمود هيلات والدكتور سهيل مقابلة من كلية الأعمال، والدكتور طارق الناصر من كلية الإعلام، على تداعيات اللجوء والأداء الاقتصادي واستجابة الأردن للأزمة، وما أقرته الحكومة من "خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية للأعوام 2020-2022"، والتي تشمل قطاعات التعليم، والصحة، والمياه والصرف الصحي، والحماية الاجتماعية، والعدل، والسكن، والخدمات العامة، والطاقة، والنقل، والبيئة، إضافة الى التمكين الاقتصادي الذي يضم التدخلات ذات العلاقة بالأمن الغذائي وسبل العيش.
وأشارت الدراسة إلى أن الأردن أصدر 62 ألف تصريح عمل للاجئين السوريين في العام 2021 لتعزيز اعتمادهم على الذات من ناحية، وتوظيف طاقاتهم في الاقتصاد الوطني وتعزيز دورهم فيه، من ناحية أخرى، ورغم صعوبة المهمة، إلّا أن تظافر الجهود يجعل من الصعب ممكنا، ويبرز الدور الإنساني الفاعل للمانحين والهيئات الدولية والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني كعاملٍ حاسم في تحوّل اللاجئين إلى عنصر إيجابي فاعل في الاقتصاد والمجتمع الأردني، ويضمن الاستجابة المثلى للجوء ويمكّن الأردن من تلبية حاجات اللاجئين والمجتمع المحلي بما يضمن العيش الكريم لجميع السكان.
اما الدراسة الثانية، والتي حملت عنوان "تحديد الأسباب التي تزيد من ضغط الهجرة السورية في الأردن على السكان المحليين واللاجئين وصياغة حلول للحد من هذه الأسباب"، إلى تحديد الدوافع التي تزيد من ضغط الهجرة على الأردن، كما وهدفت إلى اقتراح مجموعة من الحلول للتخفيف من عبء الهجرة على الاردن.
ودعت الدراسة التي أعدها كل من الدكتور وليد العريض والدكتورة ريم الخاروف والدكتورة آية عكاوي من كلية الآداب في الجامعة، إلى زيادة التواصل الأردني من خلال وزارة الداخلية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي بالتعاون مع مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية - جامعة اليرموك مع منظمات اللاجئين أو هيئات حقوق الانسان لتخفيف اعباء اللجوء على الأردن خاصة للحد من مشاكل البطالة والفقر والتسرب من المدارس.
كما ولفتت الدراسة إلى أهمية وضع "وزارة التخطيط" وبالتعاون مع ممثلي الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية ومركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية / جامعة اليرموك، استراتيجية شمولية للاجئين وتطوير خطة لتحديد البرامج التنفيذية والمشاريع الموجهة لهم، مما سيكون لهما الأثر الكبير في توحيد الجهود في دعم اللاجئين من قبل الوزارات ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية وتجنب التكرار والتقاطع في تنفيذ البرامج والمشاريع وتعظيم الفائدة منها.
وتخلل إطلاق هاتين الدراستين، نقاش موسع ما بين الباحثين والمشاركين في الورشة حول ما تناولته وعرضته هاتين الدراستين.