رعى رئيس جامعة اليرموك الدكتور إسلام مسّاد، في العاصمة عمان، فعاليات "خلوة تحديد الأولويات البحثية الوطنية في مجال اللجوء والنزوح والهجرة القسرية"، التي نظمها مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية في جامعة اليرموك، بالشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأكد مسّاد خلال كلمته الافتتاحية، بحضور ممثل المفوضية السامية للأمم المُتحدة لشؤون اللاجئين في عمان دانييل تِسَندوري، أننا نجتمعُ في هذه الخلوة الوطنية، التي تضم نُخبةً مِن الخُبراءِ وأصحاب الاختصاصِ والباحثين في مجالات اللجوء وقضاياهُ المُختلفة، لمُناقشة مَحاورَ مُتعددة وجوانب وزوايا مُتنوعة؛ هدفُها الإجابةِ عن سؤالٍ هامٍ في مجال البحث العلمي وهو من أين نبدأ؟ وكيف نُتابع؟ خاصةً وأننا نتناول موضوعاً يحملُ حَساسيةً وخصوصية كبيرة وهو موضوع "اللجوء".
وشدد على حرص جامعة اليرموك على تأدية رسالتها ليس على مستوى إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مُختلــف حقــول العِلــم والمَعرفــة وحسب، وإنما أيضا تحرص على الاهتمام بالإنتــاج البحـثي العلمـي الذي تنعكسُ نتائجه على المُجتمـعات المَحلية والدولية وتخدم الإنسان أينما كان، ولا تنسلخُ عنه وعن قضاياه، نهجُها في ذلك تنفيذ مشاريعها وبُحوثها ضمن استراتيجية وطنية شاملة.
وتابع: من هذا المُنطلق بادرَ فريقُ عمل المركز بتنفيذ هذا النشاط الذي يتميز بوجود شُركاء نوعيين قادرينَ على توجيه دَفة البحث العلمي في مَجالات اللُجوء والهجرة، إلى حيثُ يجب أن تكون وضمن رؤيةِ وطنية جادّة ومَعالمَ طريقٍ واضحة.
وأشار مسّاد إلى أن جامعةُ اليرموك، أولت اهتماماً كبيراً لأنشطة مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرةٍ القسرية وفعالياته، انطلاقاً من إيمانها المُطلق بأن الجامعات يجب أن تُقدِّم للوطن ما يُمكّنُه من مواجهة التحديات التي يخوضها، كاللجوء وما يرتبط به من تحدياتٍ وازماتٍ ومُشكلاتٍ مُركَّبة؛ تنعكِسُ على الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المُجتمعات، وتتجاوزُ ذلك نحوَ التأثير على المُستقبل الذي نريده أفضلَ من الواقع، ساعين لخدمة مُجتمعاتنا وأوطاننا تحقيقاً لتوجيهات القيادة الهاشمية الحكيمة، فهذا الوطن الهاشمي المِعطاء تحمل تبعات اللجوء وآثاره منذ تأسيسه وسيظلُ ملاذاً آمنا ووجهةً لكُلِ من استجارَ به ممن أجبرته الظروف على مُغادرة وطنه.
وعبر تِسَندوري عن دعم وتقدير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لما قدمته وتقدمه الدولة الأردنية تجاه اللاجئين، إذ أخذ الأردن دور الواجهة في التعامل مع هذه القضية الإنسانية، مؤكدا أن هذا الدور الأردني مُقدر من جانب "المفوضية" من خلال حرص الأردن على إبقاء أبوابه مفتوحة لاستقبال افواج كبيرة من هؤلاء اللاجئين.
كما وثمن النهج الإيجابي للمملكة في التعامل مع ملف اللاجئين، والذي يمتاز بانه يمتد لعقود تاريخية، مبينا أننا اليوم لا نبحث عن التعاون مع الأردن فيما يخص موضوع اللاجئين بقدر ما ننظر إلى ما قمنا به كلانا تجاه هذا الموضوع، فقد أسسنا قاعدة كبيرة جدا للعمل سويا لتطوير أنفسنا، مشيرا إلى أن "المفوضية" تبحث دائما عن تعزيز سُبل التنسيق وتعزيز الاستجابة فيما يخص قضايا اللاجئين واللجوء بشكل عام.
وأضاف تِسَندوري أن هذه الخلوة المتخصصة تمثل فرصة لربط المجال الاكاديمي والبحوث العلمية بشكل أكبر فيما يتصل بالجوانب العملية على صعيد قضايا اللاجئين في الميدان، متوقعا الخروج بخارطة طريق في ختام أعمال هذه الخلوة، لتطبيق وترجمة هذه الرؤية عمليا، وخصوصا أن هذا اللقاء يجمع الممارسين في الميدان و الاكاديميين والسلطات للمشاركة في هذه الرؤية حول قضايا اللجوء، بما يُجسد هدفا مشتركا ما بين الدولة الأردنية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأكدت مديرة مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية الدكتورة ريم الخاروف، أن هذه الخلوة جاءت بعد شهور من العمل والإعداد لها لبناء قاعدة وطنية للعمل مع اللاجئين ومن أجلهم، انطلاقا من رؤية المركز المستمدة من فلسفة رسالة جامعة اليرموك، وحينها كان السؤال الأهم هل نحن قادرون على العمل بطريقة مختلفة تقوم على الدراسة والتخطيط والمشاركة الفاعلة؟ والوصول إلى نتائج تليق بسمعة جامعتنا ووطننا؟.
وأَضافت أن الإجابة حول هذا السؤال، كانت نعم نستطيع، في حال كان لدينا خارطة طريق واضحة نحو الهدف الذي نريد تحقيقه، وهو بحوث نوعية تخدم الوطن وتطور من أدواتنا، فتولدت فكرة بناء اولويات بحثية متخصصة باللجوء والهجرات القسرية، يستفيد منها الباحثون في منطقتنا العربية والعالم ويحددها أصحاب الاختصاص.
ولفتت الخاروف إلى أن اللاجئين في العالم لا يحتاجون الدعم والمساندة فقط، بل يحتاجون البحث والدراسة التي تجعل طريقهم ممهدة لصناعة الواقع الذي يريدون، ونحن قادرون على اتخاذ هذه الخطوة رغم كل ما يوجهنا من تحديات.
وكانت هذه الخلوة في جلساتها قد ناقشت العديد من المحاور، كمحور العلوم الصحية والطبية والنفسية، ومحور الاقتصاد والأمن الغذائي والمائي والابتكار والريادة، ومحور الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، ومحور العلوم الإنسانية والاجتماعية والإعلام، ومحور الدراسات المستقبلية والنظام العالمي وتحديات المستقبل، ومحور الدراسات البيئية بالإضافة لمحور الحماية القانونية للاجئين في التشريعات الدولية والوطنية.
وأوصت الخلوة في ختام جلساتها بمجموعة من التوصيات أبرزها، توفير قاعدة بيانات صحية شاملة للأردنيين واللاجئين بشكل تفصيلي متضمنة للرعاية الصحية الأولية، ودراسة مُستويات التغير في الوصمة الاجتماعية وعلاقتها بالحصول على الخدمات النفسية.
كما وأوصت الخلوة، بتعزيز دور اللاجئ في تنمية الاقتصاد وسوق العمل في البلد المضيف بدلاً ان يكون عبئا عليه.
كما وأوصى المشاركون في استثمار التكنولوجيا في حماية النظم البيئية في مناطق تجمع اللاجئين، و دراسة أهمية البحث في علم النفس البيئي، واشتراك اللاجئين في التنمية الاجتماعية.
وعلى صعيد الحماية القانونية للاجئين في التشريعات الدولية والوطنية، أوصت الخلوة بتقديم دراسات بحثية تتعلق بإيجاد قانون محلي يتعلق باللاجئين، واجراء دراسة حول ازدواجية الخدمات المقدمة للاجئين واحتياجاتهم الفعلية في المجتمع المضيف.